المرأة المسلمة بين الماضي و الحاضر
الإسلام دين متكامل البناء عاشت في كفنه المرأة كما تفيا في ظله الرجل، لقد حملها الإسلام مسؤولية البناء الأول في كيان الأسرة و كان لها دور كبير في بداية الدعوة الإسلامية .
فهذه خديجة رضي الله عنها التي حملت مشعل الأمانة، و هدأت من روع النبي الكريم صلى الله عليه و سلم و تحملت معه مسؤولية الحياة، فكانت ركنه الأول ، و انسه ـ حين خذله قومه ، و ثروته يوم حمل الأمانة قالت له : لا يخزيك الله.. الله يرعاك يا أبا القاسم، ابشر يا ابن العم و اثبت فوالدي نفس خديجة بيدي إني لا أرجو أن تكون نبي هذه الأمة ، و انك لتصل الرحم و تصدق الحديث و تحمل الكل، و تقري الضيف و تعين على نوائب الدهر،
قدمت له ما لها و قلبها الكبير، و آزرته في دعوته، و آمنت بنبوته و كذلك جاءت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها و سارت في مسيرة الغير
هكذا عاشت المرأة المسلمة في ظل الجيل الأول .... و قد تزايد عدد المسلمات اللاتي آمن و جاهدن مع الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم و اعددن الأبناء لخمل راية الجهاد ، و مثيلات خويلة بنت الأرز و الخنساء أم الشهداء و غيرها الكثيرات من النساء .
فالمرأة المسلم تلقت أوامر الله ن و ترجمتها إلى الواقع عملي ، و ربت الأبناء و علمتهم بسلوكها و أخلاقها و دأبها، فكانت تضرب المثل في التضحية و الوفاء و العفة و الفداء صبرت مع الرجال و ضمدت الجراح و ساهمت في الكيان الأول للمجتمع الإسلامي الكبير فحملها النبي العظيم صلى الله عليه و سلم مسؤولية في هذا المجال فقال : و المرأة في بيت زوجها و هي مسئولة عن راعيتها، حملها مسؤولية الرعاية في بيت زوجها : و مالا ، و تربية و حفظا و أمانة و ترتيبا و تنسيقا و المسؤولية أمانة كبيرة وفي عتقها، و لا تكون الأمانة قولا بل هي سلوك و عمل و تحقيق ، و الأمانة تربية و متابعة و قدوة و استمرار دأب و صبر و تضحية و مسارعة وفاء و إخلاص لخلاق و وئام.
فالمرأة المسلمة زوجة طاهرة، إن غاب زوجها حفظته في ماله و عرضه و أن ينظر إليها سرته و إن آمرها أطاعته و هي مسئولة الأولى عن تربية صالحة تبعث جيلا صادقا مؤمنا طيبا متساميا بنفوس زكية طاهرة ، تغرس فيه التضحية و الفداء ليكون بركانا يتفجر في وجه أعداء الله لإعلاء كلمة و نشر دينه و تعاليمه المقدسة و بناء المجتمع الإسلامي.
1يا للأسف الشديد لم تستمر هذه المسيرة الإسلامية فتناولت الأحداث و ضعف المجتمع الإسلامي و تلاشت المسؤولية و انحرفت المرأة بانحرافها المجتمع و ضعف الإيمان في نفوس أكثر النساء في عصرنا هذا فصارت المرأة المسلمة صورة لا حقيقة و اسم لا مسمى، كما قال النبي الكريم صلى الله عليه و سلم في معنى حديثه يأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه و لا من الإسلام إلا اسمه.
فالمرأة المعاصرة تركت دينها و اهتمت بمظهرها و شكلها و زينتها و جمالها و تخلت عن أوامر ربها و نبيها و التفت إلى إغراء الآخرين بها من التبرج و عطر و إظهار فتنة ، فقدت حشمتها و أدبها و تخلت عن أخلاقها و قيمها و طهرها و عفافها و أصبحت سلعة في متناول أدي الرجال كيفما شاءوا و أرادوا.
لقد سرت إليها صفات المرأة الغربية و تنكرت لصفات المرأة المؤمنة المسلمة الطاهرة العفيفة بحجة التحرر من القيود فتعاليم الإسلام حفظ للمرأة و حماية لها ، و رفع لكيانها و شانها و أمان لها من أيد الغادرين الظالمين الفاسدين فهي الآن في صراع داخلي بين الإيمان و الفساد فهذا يشدها و ذاك يشدها فهي تتخبط تائهة لا تجد نفسها قرارا و لا استقرارا ترتاح إليه.
ربت أولادها على ضياع و عدم تحمل المسؤولية الملقاة على عاتق الجيل الصاعد.
و لا يصبح المجتمع إسلاميه بكل معنى الكلمة و بكل جوانب و نواحي تعاليم الإسلام حتى يبدأ الإصلاح من اللبنة الأولى في المجتمع و هي الأسرة و على رأسها الأم التي تعد نفسها أولا ثم أولادها ثانيا ، و إعداد صحيحا سليما على الإيمان و التقوى ، لأنها المعلم الأول للطفل قبل المدرسة و المجتمع و هذا مصداق ما قاله شاعر.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فالأم كيان الأمة و نصف المجتمع و بذرة الرجل و كتاب الطفل في بيته، فهي حاجتنا في شدتنا و أملنا في مستقبلنا.
ندا إليك يا أختي المسلمة من أم و أخت و مربية و معلمة و مسؤولية فالعودة العودة إلى كتاب الله إلى الإسلام لحقيقته و أعماله و فضائله و أخلاقه و علمه لتحضي بسعادة دارين : الدنيا و الآخرة و لنعيد فجر الإسلام كما كان عليه و نحيي سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و ننشئ جيلا واعيا مؤمنا مكافحا ثائرا يحمل راية النضال و الجهاد فلنسلك معا جادة الصواب و الحق لنشر طريق الأجيال الناشئة، لأن الإسلام يضيع منا يوما بعد يوم فلنحرص عليه كحرصنا على أنفسنا بل اشد، فهو مصيرنا في الحياة و الممات.