السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن التشابه اللفظي في الآيات الكريمة من أكثر ما يعاني منه حافظ القرآن خصوصا مبتدئ الحفظ، مما جعل جمعا من العلماء في القديم والحديث يؤلفون كتبا تعين على حصر وضبط المتشابه، وبيان القواعد التي تعين الحافظ على الضبط، وقد اختلفت مناهج هؤلاء العلماء في كتبهم وطريقة معالجتهم لتيسير ضبط المتشابه، وهو باب مفتوح، فقد يخطر على بال كل حافظ طريقة يستعين بها على ضبط ما يشكل عليه .
ومن طريف هذه اللطائف مما لم يذكره السابقون هو ما يتعلق بالطبعة الحديثة ـ المجمع وما وافقها ـ .
ومن المعلوم أن بعض الآيات قد تشكل على قارئ ولا تشكل على آخر لأسباب مختلفة، وسأذكر هنا ما خطر على بالي من ذلك، وما استفدته من مذاكرة المشايخ، وبعض ما استفدته من كتب الفن .
وهنا إشارة لبعض الكتب التي تعنى بذلك وهنا موضوع فيه فكرة لها صلة بما ذكر.
وينبغي أن يستحضر أن أفضل طريقة لذلك هي تدبر القرآن وكثرة مراجعته .
وأرجو من المشايخ أن يضيفوا ما وقع لهم من ذلك ليعم النفع بها.
وسأذكر ما يخطر على البال منها من غير ترتيب ولا التزام بمنهج معين.
كيف تضبط : « نفعا» و«ضرا» في هذه الآيات :
{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا } (76) سورة المائدة
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ } (188) سورة الأعراف
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ } (49) سورة يونس
{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا } (16) سورة الرعد
{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} (89) سورة طـه
{وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا } (3) سورة الفرقان
{فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا } (42) سورة سبأ
{قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا } (11) سورة الفتح .
في طبعة المجمع للمصحف تتقدم دائما (نفعا) على (ضرا) في الوجه الأيمن، و(ضرا) على (نفعا) في الوجه الأيسر.
فالنون في (نـفعا) مع النون في أيمـن . والراء في (ضرا) مع الراء في أيسر
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (231) سورة البقرة
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } (2) سورة الطلاق
لك في ضبطها أن تقول:
السين قبل الفاء في حروف الهجاء، وهي هنا كذلك فالسين في (سرحوهن) سورة البقرة والفاء (فارقوهن) في الطلاق.
وقال بعضهم: فسرحوهن في البقرة، فتذكر أن البقر يسرح!
لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (83) سورة المؤمنون
{لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (68) سورة النمل
قل في نفسك كأنك تخاطب أحدا:
نحن المؤمنون.
وهذا النمل.
فتقدم (نحن) في (المؤمنون)، و(هذا) في (النمل).
ويمكن أن تقول: قدم (نحن) وفيها (نون) مع (المؤمنون) وفيها (نون) والأخرى عكسها
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ } (135) سورة النساء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ } (
سورة المائدة
ضبطها بالحروف؛ فالباء في (بالقسط) قبل اللام في ( لله ) فقدمها في السورة المقدمة وهي النساء.
سورة التوبة :
{وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (72) سورة التوبة
{أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (89) سورة التوبة
{وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (100) سورة التوبة
{فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (111) سورة التوبة
{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} (63) سورة التوبة
وضابطها أن (هو) إنما في تأتي في الوجه الأيسر فقط .
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } (89) سورة الإسراء
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } (54) سورة الكهف
وضابطها أن تقدم السين التي في (الناس) في سورة (الأسراء) وفيها السين .
في سورة الأنبياء :
{لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ * بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} (39-40) سورة الأنبياء
وضابطها أن الصاد قبل الظاء في الحروف وكذلك هنا في (يُنصَرُونَ) و (يُنظَرُونَ).
في سورة يونس:
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ} (28) سورة يونس
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } (45) سورة يونس
و في سورة الأنعام
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} (22) سورة الأنعام
{وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ } (128) سورة الأنعام
وضابطها أن النون قبل الياء في الحروف وكذلك هنا في (نَحْشُرُهُمْ) و (يحْشُرُهُمْ).
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى } (2) سورة الرعد
{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى } (13) سورة فاطر
{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى } (5) سورة الزمر
{وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } (29) سورة لقمان
فكلها (لأجل مسمى) عدا الأخيرة (إلى أجل مسمى) فتحفظ على أنها الوحيدة.
{ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} (129) سورة البقرة
{رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } (2) سورة الجمعة
{رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } (164) سورة آل عمران
فتأخير (يزكيهم) على (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) في البقرة فقط .
__________________
والصلاة والسلام على رسول الله